نون بوست علي الكوري
تزامنا مع تفاقم أزمة عمال النظافة بمدينة كلميم، شهدت منصات التواصل الاجتماعي حملة حادة ضد عبد الله النجامي، النائب الثاني لرئيس جماعة كلميم، متهمة إياه بـ”الفساد” و”التقاعس عن أداء مهامه”. الحملة أثارت جدلا واسعا، حيث اعتبرها متتبعون مزيجا من محاولات التسييس والاستهداف غير البريء، خصوصا في هذا الظرف الحساس.
ورغم أحقية الرأي العام في متابعة معاناة عمال النظافة، الذين يعانون من ظروف عمل صعبة وتأخر في صرف أجورهم ومستحقاتهم، إلا أن توقيت الحملة وحدتها ضد النجامي يطرح أكثر من سؤال حول خلفياتها الحقيقية، في ظل غياب مقاربة شمولية لمناقشة أصل الأزمة ومسؤولية كل المتدخلين، بما في ذلك الشركة المكلفة بالتدبير المفوض التي لم تلتزم بدفتر التحملات الموقع معها.
ويشير بعض الفاعلين المحليين إلى أن ما يحدث للنائب الثاني للجماعة يدخل ضمن ما وصفوه بـ”تصفية حسابات سياسية ضيقة”، خاصة أن النجامي ظل صوتا بارزا في رفع شعار الإصلاح ومحاربة الفساد منذ الولاية السابقة وحتى الحالية، ما جعله هدفا لبعض الأطراف السياسية التي ترى فيه خصما محتملا.
وفي الوقت الذي يفترض فيه تحميل المسؤولية للشركة المكلفة بالتدبير المفوض، اختارت بعض الصفحات ومستخدمي منصات التواصل توجيه سهام الاتهام بشكل حصري نحو النجامي، متهمة إياه بالفساد والتقصير، دون أي سند من وثائق رسمية أو معطيات دقيقة، وهو ما اعتبره كثير من المتابعين المحليين “انتقائية مفضوحة” تعكس صراعا سياسيا أكثر من كونه مساءلة مهنية.
ويرى مهتمون بالشأن المحلي أن هذا الاستهداف السياسي قد لا يكون بريئا، خصوصا أنه يأتي في سياق محلي مشحون سياسيا مع اقتراب أي استحقاق انتخابي، حيث تستثمر الأزمات الاجتماعية لتصفية حسابات قديمة أو لخدمة أجندات انتخابية، ما يفرغ النقاش العمومي من مضمونه الحقيقي ويحول قضايا المواطنين إلى أدوات ضغط ظرفية.
كما يطرح هذا الواقع إشكالية أكبر تتعلق بمدى قدرة الفضاء الرقمي على تشكيل وعي جماعي متوازن، لا ينجر وراء الحملات الموجهة، ويحتكم إلى منطق المؤسسات والمسؤوليات الموزعة، مع التركيز على الحلول الجذرية بدل شخصية الأزمات.
وفي الوقت نفسه، يبقى الرأي العام المحلي في انتظار مواقف واضحة من المسؤولين الجماعيين، وتوضيحات رسمية حول ما يحدث على أرض الواقع، بما يضمن معالجة الأزمة بشفافية ومسؤولية، بعيدا عن الانجرار وراء الاتهامات والضغوط الإعلامية.
ختاما، تبقى مطالب عمال النظافة محور القضية الأساسي، وهي أحق بأن تحظى بالنقاش الجاد والمعالجة العاجلة، من خلال احترام حقوقهم وتحسين ظروف عملهم، بعيدا عن المناكفات السياسية أو الحملات الموجهة التي قد تضر بمصلحة المواطنين أولا وقبل كل شيء.