نون بوست علي الكوري
بدأ محمد الوافي، رجل الأعمال الغيور على منطقته، بفعل ما عجزت عن تحقيقه مؤسسات عديدة يفترض أن تتحمل مسؤولية التنمية، وعلى رأسها الجماعة الترابية، والمجلس الإقليمي، ومجلس الجهة، إلى جانب قطاعات ومؤسسات عمومية أخرى. من ماله الخاص، وبإرادة شخصية، أطلق مبادرات تنموية حولت وجه جماعة فاصك وخلقت دينامية محلية افتقدها الإقليم لسنوات.
في وقت تتعالى فيه خطابات الخطط والبرامج والمجالس، وتتقاعس فيه الجهات المعنية عن تنزيل مشاريع ملموسة، تكفّل محمد الوافي بإنجاز كورنيش ومرافق عمومية رفعت من قيمة الفضاء العمومي بالمنطقة، دون ضجيج إعلامي أو حسابات سياسية. لقد جعل من الفعل التطوعي سبيلاً لتكريم منطقته، في مقابل عجز مؤسسات تتوفر على ميزانيات ومخططات وموارد بشرية.
غياب التفاعل الجدي من طرف مختلف المؤسسات المنتخبة والترابية والقطاعية يجعل من مبادرة هذا المواطن المقاول مرآة صادمة لهذا الخلل المزمن في تدبير الشأن العام. فأين الجهة من المشاريع المهيكلة؟ وأين المجلس الإقليمي من دعم البنيات الأساسية؟ بل أين باقي المصالح الخارجية من تشجيع مثل هذه المبادرات أو مواكبتها؟
ولأن التنمية لا تُختزل في المرافق الترفيهية فقط، قرر الوافي تمويل مشروع جديد أكثر تأثيرًا واستدامة: ملعب معشوشب بمواصفات عالية لفائدة أطفال وشباب جماعة فاصك. مشروع يفتح المجال أمام طاقات المنطقة للتعبير عن مواهبها في بيئة رياضية سليمة، ويوفر بديلًا عن البطالة والفراغ الذي يهدد الأجيال الصاعدة.
ما يقوم به محمد الوافي يستحق التنويه، ليس فقط لأنه يضع ماله الخاص في خدمة الجماعة، بل لأنه يضع الجميع أمام سؤال محرج: ما دور المؤسسات المنتخبة والإدارات العمومية إن لم تكن قادرة على تأمين أبسط شروط العيش الكريم لمواطنيها؟ هل يُعقل أن يُنجز مواطن واحد ما تعجز عنه أجهزة متعددة بموارد ضخمة؟
إن مبادرات محمد الوافي ليست دعوة للاتكال على المحسنين أو تعويض المؤسسات، بل صرخة أمل وتحدٍّ في وجه الإهمال المؤسساتي. ويبقى أمله، مثل أمل ساكنة فاصك، أن تتحول هذه المبادرات الفردية إلى مشاريع مؤطرة برؤية تنموية تشاركية تقودها مؤسسات حقيقية، لا مجرد كيانات صورية غائبة عن الميدان.