نون بوست علي الكوري
بينما كان ينتظر أن تتحول جهة كلميم وادنون إلى قلب استراتيجي لإنتاج وتصدير الكهرباء النظيفة نحو أوروبا، أعلنت الحكومة البريطانية، في يونيو 2025، انسحابها من مشروع Xlinks الطاقي العملاق، الذي كان يهدف إلى نقل الكهرباء من طانطان وكلميم إلى بريطانيا عبر كابل بحري بطول 3800 كلم، باستثمار إجمالي يقدر بـ22 مليار دولار. القرار شكل صدمة مدوية، ليس فقط لقطاع الطاقة الدولي، بل أيضا للرأي العام المحلي، الذي بدأ يطرح سؤالا حارقا: أين كان مجلس جهة كلميم وادنون طوال هذه السنوات؟
في الوقت الذي صرفت فيه شركة Xlinks ما يقارب 150 مليون دولار على دراسات الجدوى التقنية وتوفير العقارات الأولية بالمنطقة، ظل مجلس الجهة منشغلا بخطابات دعائية ومهرجانات علاقات عامة، دون أي مواكبة مؤسساتية جدية لهذا المشروع. لا مخططات مواكبة، لا دعم إداري، لا تنسيق مع الحكومة ولا حتى تواصل مع الساكنة المعنية. لقد فشل المجلس في ترجمة المشروع إلى أولوية جهوية، رغم كل الشعارات التي رددها عن “التحول الطاقي” و”جهة الفرص الواعدة”.
أضاع مجلس جهة كلميم وادنون فرصة نادرة، كانت ستضع الجهة في صلب التحولات الجيوطاقية العالمية، من خلال مشروع كان سيغذي أكثر من 8 ملايين منزل بريطاني بطاقة شمسية ناتجة من الجنوب المغربي. المشروع لم يكن فقط بيئيا أو اقتصاديا، بل كان سيخلق آلاف فرص الشغل المباشرة وغير المباشرة، ويمكن شباب المنطقة من التكوين والعمل في واحد من أكثر القطاعات تقدما في العالم.
وبينما بدأت فرنسا وألمانيا تتحركان بسرعة لمحاولة تبني المشروع أو تطوير نسخة بديلة منه عبر مشروع Sila Atlantique، لا تزال جهة كلميم وادنون غائبة تماما عن هذه الدينامية. لم نسمع أي موقف رسمي، لم يصدر أي بلاغ، ولم يُعقد أي اجتماع طارئ لمساءلة المجلس عن تقصيره، في وقت تقترب فيه الجهة من فقدان واحدة من أكبر الفرص الاقتصادية في تاريخها الحديث.
ما حدث مع مشروع Xlinks ليس فقط إخفاقا موضعيا، بل تجل صارخ لفشل مزمن في إدارة المشاريع الكبرى. جهة كلميم وادنون لا ينقصها لا الشمس ولا الرياح ولا الموقع الجغرافي، بل تعاني من غياب نخب سياسية ومؤسسات قادرة على مواكبة تحولات العالم. واليوم، يدفع أبناء وادنون ثمن هذا الفشل، فيما تسابق جهات أخرى الزمن لتوقيع شراكات حقيقية في الطاقات النظيفة، بثقة ورؤية وطموح.