الفقر والبطالة في العيون: نظرة على الجرح المفتوح

14 يوليو 2024
الفقر والبطالة في العيون: نظرة على الجرح المفتوح
يوسف ازركان

بقلم يوسف ازركان – فاعل سياسي

مدينة العيون، هذه الجوهرة الغافية في قلب الصحراء، تعيش في ظلال الفقر كمن يمشي على رمال متحركة. هي ليست مجرد مدينة، بل رمز لليأس طويل الأمد، لا يزال يقف كالشبح في وجه أي أمل في الاستقرار والنمو. العيون، مرآة تعكس كل ما هو صعب ومعقد في هذه الصحراء، تعاني من الفقر والبطالة كما تعاني الأم من فقدان فلذات كبدها.
ليس الفقر، البطالة واليأس في العيون، مجرد حالة اقتصادية بل هو نتيجة مباشرة لإرادة حقيقية متأرجحة، فهذا الوضع ألقى بظلاله الثقيلة على كل زاوية في العيون، جعل من فرص العمل حلماً بعيد المنال، وأغلق الأبواب في وجه الاستثمار المحلي كما تغلق الأعين عن رؤية الحقيقة… ولعل ذلك هو الجني المختفي، الكامن وراء فراغ المدينة من أبنائها، الذين تفرقوا بين جزيرة “غوايانا” الفرنسية وحائط المكسيك، الذي أصبح لهم بمثابة حائط المبكى على واقع اللايقين.

نقص الاستثمارات: الفرص الضائعة

في العيون، الاستثمار أشبه بالطائر النادر الذي لا يحط على أغصانها، يخشى المستثمرون المجهول ويهربون من عدم اليقين، وأبناء المدينة توصد في أوجههم الأبواب، وهنا أتحدث عن تجربة شخصية.
المدينة، رغم جمالها وجاذبيتها، تبقى سجينة واقع سياسي مرير؛ فتسييج المشاريع المحلية يعني قلة الفرص الاقتصادية لأبناء العيون، وقلة الفرص تعني شباباً ضائعاً، وأحلاماً تتبدد في رياح الصحراء، ومن جاء إليها من الطيور المهاجرة مستثمرا؛ يحمل معه في أجنحة حقائبه عمالاً تتنزل عليها كالطير الأبابيل، لا يجمعهم بالعيون سوى حلبُ دموعها المالحة.

البنية التحتية والخدمات: الحاجة إلى الحياة

نعم لا ننكر أن العيون، بأحيائها وشوارعها، لا تعاني من نقص في البنية التحتية والخدمات الأساسية. ولكنها تعاني الفرص، بل انعدامها، وهذه ليست مجرد كلمات بل هي اعتمال الحقيقة النابضة. ففي العيون، العمل؛ هذا النبض الحيواتي يكاد يكون مفقوداً. ما يزيد من معاناة الناس، والأبواب المغلقة تجعل من الصعب عليهم الوصول إلى فرص أفضل، وكأنهم عالقون في دائرة لا تنتهي من الفقر والحرمان.

الاقتصاد المحلي: ضيق الأفق

الاقتصاد المحلي في العيون، يعتمد على تجارب محلية قليلة، في قطاعات محدودة، لا تستطيع أن تستوعب الأعداد المتزايدة من الشباب الباحثين عن عمل. وهذا الاقتصاد المغلق، يشبه الوأد في وجه الطموحات، يترك الكثيرين في حالة انتظار لا نهاية لها، كمن ينتظر قطاراً في محطة مهجورة بصحراء قاحلة.
ووفقًا لأحدث البيانات المتاحة، فإن عدد العاطلين في مدينة العيون، عاصمة الصحراء، يعد جزءًا من الأرقام العامة المتعلقة بالبطالة في المنطقة.
وتشير بعض التقارير إلى أن معدلات البطالة في الصحراء، بما في ذلك العيون، هي أعلى من المعدل الوطني المغربي. هذه المعدلات تتراوح غالبًا بين 15% إلى 25% من السكان القادرين على العمل، وهي نسب تعكس التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المدينة.
الشباب في العيون، يفتقرون إلى فرص التدريب التي تؤهلهم لسوق العمل، ومع ذلك يكافحون ويتجاوزون بكل الممكن والمستحيل، وهذا النقص ليس مجرد عقبة بل هو حائط صلب يقف في وجه كل من يحاول تسلق سلم النجاح. فبدون تعليم أو تدريب، يبقى الشباب أسرى لمستقبل غامض، تتلاعب به الرياح كما تتلاعب الرمال بالكثبان في الصحراء.

خطوات نحو الحل

لحل هذه المشكلات المتشابكة، نحتاج إلى مقاربة شاملة تتضمن عدة خطوات؛ يمكن من خلالها أن نجد طريقاً للاستقرار والتنمية، وذلك عبر تعزيز الاستثمارات المحلية، إذ يجب تسهيل الاستثمارات التي يقدمها شباب المدينة، من خلال توفير بيئة آمنة وحوافز مشجعة. لأن الاستثمار المحلي هو طوق النجاة الذي يمكن أن يرفع المدينة من مستنقع الفقر، ويقلل من معدلات البطالة ويفتح الأبواب أمام مستقبل أفضل.
مدينة العيون تحتاج إلى أن نتحد جميعاً، مسؤولين مستثمرين، سياسيين ومجتمعاً مدنياً، لنجعل منها مكاناً يمكن أن يعيش فيه الناس بكرامة وأمل. إذ لا يمكننا أن ندع هذا الجرح ينزف إلى الأبد، علينا أن نجد العلاج ونبدأ في بناء مستقبل جديد لهذا المكان الذي يستحق أفضل من أن يكون ضحية لسياسة ممنهجة أصبح واضحاً أنها لا تنتج غير التهجير والفقر.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.