الإفناويون

9 يوليو 2024
الإفناويون
محمد أنفلوس

بقلم محمد أنفلوس

هم سكان مدينة سيدي افني، سيماهم في وجوههم من اثرالابتسامة والصمود.. يعشقون البحر والليل والمشي وسط الشارع و النوم الى العاشرة صباحا واطلالة الباراندية.

اذا تأملتهم جيدا ستفاجأ بلوحة رائعة من الوجوه والمعالم والسير، لا يجمع بينهم سوى شئ واحد هو حبهم لمدينتهم سيدي افني “بلادي يا مسكين”.

يمتاز الافناويون بطريقة راقية في المشي و اللباس والكلام واستنزاف اللحظات.

يقال أن الله أعطى للسويسريين الساعة و للإفناويين الوقت، يتواعد الإفناويان على الساعة الخامسة و ينتظر الأول الثاني إلى الساعة السادسة، وإن لم يأتي مع الساعة السابعة يذهب عنده طارقا باب منزله بغضب في الساعة الثامنة.. يجيبك الافناويون بحكمتهم الأبدية « رخاها الله »..

يحبون كل ما هو جميل، الموسيقى و السينما والنوارس و أهداف البارصا و الريال.. يحبون الشعر والسياسة وعيون الفاتنات وطواجين الحوت وفاكهة الصبار..

يحبون آذان « كابوخوبي » و قهوة « الطرييف » ولوبية « سبعة » وسيارة « كايينا » و أفلام « افينيدا » و حلوة « سانتا فروتا » ورائحة الخبز الطازج وهو يخرج ساخناً من فرن « بن يونس »، ولكن اكثر ما يعشقون هي مدينتهم سيدي علي افني، ففيها شيء من كل شيء..

قد تجول، قارئي العزيز، في ديار الله الواسعة بحثاً عن شيء مثل سيدي إفني، خصوصا إن كنت إفناويا، لتتأكد ألا شيء مثل سيدي افني ! لا شيء..

لقد أعطت هذه المدينة لسكانها سهولة الحياة ومتعة الحرية وبساطة اللقمة السائغة، فأحبوها..حتى انه بإمكان اي رجل ان يأتي ويقيم ويستوطن ويذوب في تفاصيل المدينة.. فلها قدرة خفية خارقة على طرد مشاعر الغربة والحنين..

ولكن، رغم هذه البساطة ،فليس في المغرب كله كثافة سياسيّة بقدر ما في هذه البقعة المؤلفة من عشرين ألف إفناوي أو يزيدون..

يجيد الإفناويون الحديث في السياسة كأنهم صناع سياسة الكون، أو كأن مدينتهم هي نقطة الإرتكاز في سياسة العالم، وهو أمر مضحك أحياناً محيّر أحياناً أخرى.. لقد شيٌبوا الإسبان و المخزن و جحافل كرواتيا ولايزالون…

في كل يوم بيان و بلاغ و نداء و شكل من أشكال الاحتجاج، وبين الرأي و الرأي الآخر ينسج الإفناويون خيطا وهميا طويلا، مثل بحرهم الأزرق المترامي وسع العين والأفق والجمال.

يعتقد الإفناويون ان كل المدن الأخرى لا تصلح إلا للنزهة المؤقتة فقط لأنها طاحنة، سريعة الايقاع، خالية من المشاعر، وفظة أحياناً.

يعتقد الإفناويون أن مدينتهم هي عزتهم وفخرهم وبعض من كبريائهم، بيتهم ومكتبتهم ونعناع الشاي وغلاية القهوة ودفتر الذكريات، أمهم و أختهم وأشياء أخرى سنحاول الحديث عنها لاحقا…

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.