أرقام الـلاثِقـة…

4 أغسطس 2020
أرقام الـلاثِقـة…
محمد المراكشي

كشف فيروس كورونا المُتعِب أنه قادر على مزيد من التعرية للشعوب و الأمم و دولها و حكوماتها. و هو يوما بعد آخر يبهرنا بهذه القدرة الهائلة على سبر اغوار نفوسنا أفرادا و جماعاتٍ.
الأرقام التي تظهر و تغيب كل يوم ،تاركة إيانا لمأساة تصديقها أو إنكارها أو الهلع مما تخفيه لنا في قادم الأيام،جزء من هذه التعرية .
أعداد المصابين الجدد بالفيروس كل يوم و هي تنفخ العدد الاجمالي و تنفخ رؤوسنا بالخوف ، تزيد “نفخة” صغيرة كل يوم في “الثقة” التي تهتز مع كل رقم في حياتنا في ظل الجائحة.. فالمغربي بسماعه لهذه الأرقام المخيفة بـجرعاتٍ لم يعد يثق في مجالسيه تارة و في “جينوم” الفيروس في “نسخته المغربية” تارة اخرى و الأكثر أن ثقته في الأرقام كلها تهتز إما بتهويل أو بتبخيس..يعني أن الاعداد صارت تجعلنا نؤمن بالشيء و نقيضه:بوجود الفيروس و بإنكاره،و بهول الجائحة كما بالتشكيك بها (للأسف)…
أعداد الوفيات أيضا ،في ازديادها، تدفع الى التفكير العميق في مدى قدرة منظومتنا الطبية..خصوصا في مجال الانعاش في ظل جائحة خطيرة كهذه..إن هذه الارقام بالضبط هزت كل إنكار ممكن لخطورة الفيروس في ظل “سلوك إجتماعي” ينكر بشدة هذه الخطورة رغم خوفه منها..
إن هذا الفيروس خطير ليس فقط في درجة فتكه التي صار المغاربة مع الأرقام الجديدة في هذه الاسابيع يدركونها ، و إنما في قدرته الهائلة أن يكون واحدا من عوامل التعرية (الضرورية ربما ) لزعزعة مُتَرسِّخات كثيرة في سلوكاتنا الفردية و الجماعية تجاه ما يلحق ضررا بنا أجمعين..
لقد أضر الفيروس بـ”قيمة” الثقة إن بالنفس أو بالآخر أو التعاقدات المجتمعية،لذلك فإنه إشارة الطبيعة إلينا كي نجد اللقاح أولا: لقاح الثقة ،ثم بعد لقاح كورونا.
محمد المراكشي،
مع التحية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.